
منذ الخطاب الأول له كمرشح انتهج الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني سياسة اليد الممدودة اتجاه كل الشركاء السياسيين والفاعلين في كل المجالات، فلقد كانت منصة الاستقلال التي أشرف عليها للمرة الاولى بوصفه رئيسا للجمهورية متميزة من نوعها حيث جسد المشهد بجلاء صورة الوطن الديمقراطي الذي نحتاج، حيث رئيس الجمهورية محاط بزعيم المعارضة الديمقراطية وقيادات المعارضة والرؤساء السابقين.
كانت تلك هي خطوة البداية نحو إعادة الاعتبار للهدوء السياسي الذي كانت المعارضة بمختلف أطيافها وتنوع مشاربها أبرز من أشاد به بعد سنوات من القطيعة والتأزم.
ولكي لا يكون الهدوء السياسي هو النجاح السياسي الوحيد للرئيس فإن إجراءات تطبيقية بارزة تم البدء فيها بشكل فوري فقد تم اتخاذ إجراءات هامة لترسيخ الحريات العامة، عبر مراجعة النصوص الخاصة بحرية التنظيم والتعبير، وتعزيز حرية الصحافة وتطوير قدرات الإعلام العمومي، وتقوية طابعه المهني، وتحسين الخبرات في كافة مؤسساته، وتقوية البث وتوسيع شبكاته المختلفة، ومراجعة الخط التحريري، والتركيز على البرامج التنموية، وعلى التنوع الثقافي.
وفيما يخص تقوية المؤسسات فإن بناء مقرات ملائمة للمجلس الدستوري، وللجمعية الوطنية، والمجالس الجهوية انتهت غالبيتها ووصلت بعضها لمراحل متقدمة.
وتمت على مستوى الوظيفة العمومية مراجعة بعض النصوص والتشريعات المتعلقة بتسيير عمال الدولة، وبالعمل والعمالة، وبمدونة الشغل والإطار المؤسسي، ومنظومة الحوار الاجتماعي، ونظام التقاعد والضمان الاجتماعي.
وتعززت اللامركزية مع توجيه عناية خاصة للبعد التنموي، ودعم سلطات المجموعات الإقليمية والمبادرات الجماعية، عبر برنامج التنمية المحلية والمبادرات البلدية.
وبدأت معالجة عوائق الولوج إلى الحالة المدنية، ومراجعة التشريعات المنظمة لبعض جوانبها، كما تم التحسين من أداء أجهزة العدالة، عبر إصلاحات عززت استقلالية القضاء، ودعم القدرات وتحسين الوسائل والتجهيزات، ببناء قصور للعدالة وتحسين ظروف السجون.
وشملت الإصلاحات كذلك مراجعة النصوص المنظمة لهيأة المحاماة، والترتيبات الخاصة بالمساعدة القضائية.
لقد كانت رؤية الرئيس راسخة وواضحة اتجاه ثوابت الأمة القائمة أولا وقبل كل شيء على الروح الإسلامية السمحة.
وانصب اهتمام الحكومة بشكل خاص على تحسين أداء منظومة العلوم الشرعية المميزة لتاريخ وحضارة بلادنا، وذلك بتوسيع شبكة مؤسسات التعليم الأصلي، ودعم جهود العلماء ومبادراتهم، ورفع القيود عنها، وتقديم التسهيلات اللازمة لمشروعاتهم ونشاطاتهم العلمية.
وقد تحسنت بصفة عامة ظروف المساجد والمحاظر، واتسع الإقبال عليها، وتم إنشاء كراسي علمية قدمت عطاء كبيرا كما يذكر أن أول خطوة قام بها الرئيس بعد انتهاء الحملات الانتخابية هي توزيع الأدوات الصوتية على المساجد.
وبدأت البلاد تستعيد موقعها الإقليمي التاريخي في نشر ورعاية العلوم الشرعية، فيما تمت إعادة تنظيم مؤسسة الأوقاف، كما يجري العمل من أجل تنظيم قطاع الزكاة.
ومن المعروف أن البلاد تعيش في فوهة برميل بارود بسبب الوضع المعقد في المحيط الاقليمي، والعوامل الجيوسياسية والاستراتيجية، المتفاعلة مع الظرفية الإقليمية والدولية، التي تفرض تحديات عديدة وجسيمة، تطلبت من قواتنا المسلحة وقوات أمننا الاستعداد الدائم لمواجهة مخاطر الإرهاب والجريمة المنظمة، والهجرة السرية، والاتجار بالبشر، والمخدرات، والتهريب.
وقد برهنت أجهزتنا للأمن والدفاع على روحها الوطنية، وكفاءتها ومهنيتها العالية، وهي تعمل باستمرار للرفع من طاقاتها، وتحسين أساليب وظروف عملها، فأنشأت مركزا مشتركا لتنسيق عمليات مكافحة الإجرام والانحراف في الوسط الحضري.
وتشمل استراتيجيتنا الأمنية مكونات خاصة لتشغيل الشباب ودمجه في الحياة النشطة، والعمل على تفكيك خطاب التطرف وتعزيز الخطاب البديل.
إن استرجاع مخطوفين موريتانيين في وقت قياسي يؤكد على فعالية الاستراتيجية الدبلوماسية الموريتانية التي استرجعت علاقتها مع إحدى الدول الحليفة في وقت قياسي.
وتركزت الجهود على تعزيز دورنا الإقليمي والدولي واستثمار وتوطيد مكانتنا، و موقعنا الجيوستراتيجي.
ولا يخفى على المتابع ما قدمه فخامة رئيس الجمهورية محمد ولد الشيخ الغزواني من مساهمة رائدة ومتميزة في معالجة مشكلات المنطقة والقارة، عندما قاد الجهود الرامية إلى تخفيف عبء الديون وقيادة دول الساحل في مرحلة معقدة إضافة الى التدخل في حلحلة الأزمة المالية.
وكانت مشاركة بلادنا متميزة كذلك في مؤتمرات منظمة المرأة العربية، ومؤتمر منظمة "الأيسيسكو" حول المرأة في مارس2021.
وتحسن بشكل عام وملحوظ حضور بلادنا في الساحات العلمية، والثقافية، والإعلامية، والرياضية.
وفي الاخير تجدر الإشارة إلى أن الدبلوماسية الوطنية أصبحت تتحرك على العديد من الصعد خاصة في الجوانب المتعلقة بكسب ثقة الشركاء حيث تخوض البلاد حربا ضد الفساد تكللت حتى بتشكيل محكمة العدل السامية واللجنة البرلمانية وكلها خطوات مهمة كان لها أثر كبير على تعزيز الثقة والسمعة التي تحظى بها موريتانيا بين الشركاء الدوليين والاقليميين وفوق كل ذلك في أوساط الشعب الذي يشعر أنه بدأ بالفعل يسترجع وطنه أكثر من أي وقت مضى.
أحمد عبداوه
كاتب صحفي